أبوظبي، الإمارات العربية المتحدة، 22 فبراير 2022:
ضمن فعاليات دورته التاسعة عشرة تحت شعار «فكر الإمارات: ريادة إبداع- حرفية إنجاز- بناء حضارة»، استضاف مهرجان أبوظبي في معرض «إمارات الرؤى 2.. سردٌ ووعدٌ» بمسرح منارة السعديات، ندوة حوارية بمناسبة اليوم العالمي للغة الأم؛ سلطت الضوء على أهمية اللغة في إبراز الهوية الثقافية وتوصيل الأفكار والتعبير عن المشاعر، وذلك بحضور سعادة هدى إبراهيم الخميس، مؤسس مجموعة أبوظبي للثقافة والفنون والمؤسس والمدير الفني لمهرجان أبوظبي، ومشاركة نخبة من الشخصيات الثقافية المرموقة والأكاديميين وفناني الخط العربي.
وشارك في الندوة الحوارية، التي أدارتها الدكتورة كورين ستوكس، محاضر أول مادة اللغة العربية في جامعة نيويورك أبوظبي، سعادة الدكتور علي بن تميم، رئيس مركز أبوظبي للغة العربية، أمين عام جائزة الشيخ زايد للكتاب، وسعادة الأستاذ سلطان العميمي، رئيس مجلس إدارة اتحاد كتّاب وأدباء الإمارات، مدير أكاديمية الشعر، وتاج السر حسن، الخطاط والفنان التشكيلي الملقب بشيخ الخطاطين.
وناقشت الندوة العلاقة الجوهرية بين اللغة والخط والفن، والثقافة والهوية الثقافية بشكل عام، وقدرتها الرمزية والإيمائية على تحقيق التواصل مع الآخرين، حيث رأت سعادة هدى إبراهيم الخميس، مؤسس مجموعة أبوظبي للثقافة والفنون والمؤسس والمدير الفني لمهرجان أبوظبي، أنّ الندوة الحوارية المميّزة تأتي احتفاءً باليوم الدولي للغة الأم، وتقديراً للغتِنا العربية لغة الإعجاز التي خطّت إرث بلاد وصنعت سيرة الحضارة، وقالت: “خمسون عاماً من عمر دولتنا شهِدْنا خلالها تنظيم أعرق معارض الكتب، وأهمِّ الملتقيات الثقافية والندوات الحوارية، وأبرز أمسيات الشعر وورش الكتابة والقصة والنثر، واستمتعنا ببهاء الشعر العربي الفصيح والنبطي، برعايةٍ كريمة من سيدي صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد عبر برنامَجَيْ “أمير الشعراء” و”شاعر المليون”.
وتابعت سعادتها: “طوال خمسٍ وعشرين سنة منذُ تأسيس مجموعة أبوظبي للثقافة والفنون، آمنّا بثلاثية الفن والموسيقى والكلمة، فعقدْنا شراكات التأليف والنشر مع اتحاد كتّاب وأدباء الإمارات ودور النشر الإماراتية، وأصدرنا أمهات الكتب والمؤلَّفات، وأطلقنا رواق الفكر ورواق الأدب والكتاب، ركيزَتَيْن للمعرفة فكراً ونشراً وأدباً، كل هذا بحضور عالمي في كبريات المسارح بالكلمة والموسيقى، ومنها الأمسية التاريخية لأول مرة في كارنيغي هول نيويورك، في اليوم العالمي للغة العربية، بالتعاون مع الأمم المتحدة”.
وختمت سعادتها بالقول: “لنحتف بالكلمة، بلغتنا العربية، نثراً علّم العالم أبجديةَ المعارف، وشعراً تغنى به الشعراءُ، إيقاعاً ونبضاً وموسيقى، من معارف الجاحظ في الإنسان والكون، وعبقرية المتنبي، إلى حماسة أبي تمام، ووصف البحتري، وصولاً إلى قبّاني العاشق، ودرويش الإنسان، وسيّاب أنشودة المطر”.
ومن جهته، طرح د. علي بن تميم في مداخلته، سؤال اللغة الأم أم لغة الأم، منذ هيرودوت أبي التاريخ وصولا إلى الشعراء العرب منذ الجاهلية، منتقلا إلى العلاقة الأقرب بين اللغة والأم ولسانها الأول كما في شهادة جوليا كريستيفا، متوقفا عند أبي الطيب المتنبي الذي أكسب اللغة العربية ميزتها منذ تلميحه بشوقه إلى جدته التي كاتبها شعرا في قصيدة نجوى وألم وبكائية دامية، وهي التي اكتسب منها مخزونه اللغوي وعوالم العربية الفارعة، ذاكرا قصيدة درويش في الحنين إلى أمه، واستشهد د. علي بتعريف محمود درويش للغة، معتبراً أن اللغة وجه من أوجه السلام بين أهل الأرض.
وختم د. علي بن تميم باعتبار اللغة جالسة على عرش العلوم بعدما قوض علم اللغة مكانة الفلسفة على هذا العرش، فاللغة بيت الكينونة، ولا تعزو إلى رؤية أحادية بل تعددية غير جامدة، وإلا فستكون مهددة بالانقراض والتلاشي، إذ إنّ فكرة الهوية بالنسبة للمغفور له الشيخ زايد طيب الله ثراه، فكرة تعددية متفاعلة تقوم على المثاقفة، تحترم الإنسان في لغته وثقافته ومعتقده.
أما الأستاذ سلطان العميمي فأشار إلى أنّ الحديث عن اللغة يثير تنازعا داخليا لديه بين جانب أكاديمي وجانب ذاتي وجداني فمن يتعمق في لغته الأم يكتشف ما لا يراه الآخر، وقال: “يحمل عنوان الندوة دلالة ذكية إلى ارتباط كل الحضارات بلغاتها الأم، وهنا لا بد من الإشارة إلى علاقة اللغة باللسان العربي على اختلاف لهجاته”، مؤكدا على أهمية المصطلحات التي سادت للتفريق بين اتقان اللغات وفصاحتها وعجمتها وتنوع اللغات بين عربية وفارسية وقبطية وسواحيلية وغيرها.
وتطرق العميمي إلى مباحث اللغة وثراء جذور اللغة العربية واشتقاقاتها، حتى يومنا الذي نشهد فيه استخداما للخوارزميات والذكاء الاصطناعي، مؤكداً على أهمية القرآن الكريم كمصدر ديني يثبت أهمية اللغة العربية في تعليم آدم الأسماء كلها، في مسألة النطق والتعلم والحديث والذاكرة بما يحمله من جانب إعجازي وارتباط بالسماوي الإلهي، خاتما بالقول: “كم هي عظيمة نعمة اللغة والكلام كي يعيش الإنسان في سلام، فاللغة نعمة عظيمة يدركها من لا يمتلك لغته، وكلما رجعنا إلى أحافيرنا اللغوية نكتشف جسورا مشتركة تقرب اللغات من بعضها البعض، وتعكس التواصل الحضاري بيننا وبين العالم”.
بينما تناول الفنان تاج السر حسن علاقة الخط والفن التشكيلي بشكل عام باللغة والهوية خاصة مع انتشار الإسلام قبل ألف وأربعمائة سنة، حيث تطور الخط العربي عبر صفحات المصاحف، وجرى تفعيل الاهتمام بجمالها الكتابة والخط واللغة، تتويجا لمرحلة سابقة امتدت طوال العصر الجاهلي، وأكّد تاج السر على ضرورة الانتباه إلى تحديات الرقمنة والذكاء الاصطناعي مع تأكيده على استمرار مكانة اللغة العربية وتزايد المتحدثين بها، معتبرا أن في الأبجدية العربية إعجازا جماليا بتنوع الخطوط من الكوفي والنسخ والديواني وغيرها، وكلها مبنية على الأشكال الثمانية عشر للحروف العربية الثمانية والعشرين نفسها.
يذكر، أن فعاليات برنامج الدورة التاسعة عشرة من مهرجان أبوظبي لعام 2022، تنعقد تحت شعار «فكر الإمارات: ريادة إبداع- حرفية إنجاز- بناء حضارة»، برعاية سمو الشيخة شمسة بنت حمدان بن محمد آل نهيان، مساعد سمو رئيس الهيئة للشؤون النسائية، رئيسة اللجنة العليا لمبادرة عطايا، وبدعم من شريك المهرجان الرئيسي شركة مبادلة للاستثمار «مبادلة»، وشريك الطاقة جي أس إنرجي GS Energy.
ويسهم مهرجان أبوظبي من خلال فعالياته الثقافية والفنية والموسيقية في ترسيخ مكانة العاصمة منصةً إبداعية عالمية، في إطار تصنيفها «مدينة الموسيقى» من منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة “اليونسكو”، وفي تعزيز موقعها كمركز متنامي الأهمية على خريطة الموسيقى العالمية، باعتبارها موطناً لمنظومة موسيقية مرنة ومستدامة قائمة على الابتكار. ويشارك في دورة المهرجان لعام 2022، أكثر من 1000 فنان من مختلف أنحاء العالم، يقدمون أكثر من 300 فعالية واقعية ورقمية، إلى جانب جولتين موسيقيتين عالميتين، و17 عرضاً لأول مرة عالمياً.
تحت رعاية سمو الشيخة شمسة بنت حمدان بن محمد آل نهيان
مهرجان أبوظبي
تأسس مهرجان أبوظبي عام 2004 تحت رعاية سمو الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان، وزير الإعلام والثقافة آنذاك (وزير الخارجية والتعاون الدولي حالياً) وحظي المهرجان برعاية كريمة من صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، في الفترة من 2007 لغاية 2011.
يحمل المهرجان هوية وروحية بلاد الخير، بلاد زايد، المبنية على قيم الحوار والاحترام والتسامح والسلام، والتميز في التعليم والمعرفة، بريادة الإبداع، وحرفية الإنجاز، وبناء الحضارة. يقدّم المهرجان سنوياً، ترجمةً لرؤيته في الاستثمار في الشباب وتمكين الصناعات الثقافية والإبداعية، عدداً كبيراً من الفعاليات التي تشتمل على أعمال العرض الأول وأعمال التكليف الحصري، عبر الإمارات السبع والعالم.
للمزيد: www.abudhabifestival.ae
مجموعة أبوظبي للثقافة والفنون
تأسست “مجموعة أبوظبي للثقافة والفنون” عام 1996، وهي بذلك تعد واحدة من أقدم المؤسسات الثقافية في منطقة الخليج والعالم العربي. وتعنى المجموعة بدعم منجز الثقافة والفنون واستدامة التنمية الثقافية، عبر احتضان الإبداع والإسهام في إثراء الرؤية الثقافية لأبوظبي، وتقدّم المجموعة طيفاً واسعاً من المبادرات منها مهرجان أبوظبي والعديد من المنصات الشبابية والبرامج المجتمعية التي تستقطب جماهير متنوعة، كما ترعى الإمكانات الإبداعية داخل الإمارات وخارجها بالتعاون مع كبريات المؤسسات الثقافية المحلية والعالمية.
شركة مبادلة للاستثمار
شركة مبادلة للاستثمار هي شركة استثمار سيادية، تدير محفظة أعمال عالمية، وتتمثل مهمتها في تحقيق عوائد مالية مستدامة لحكومة أبوظبي.
تتوزع محفظة أعمال مبادلة التي تبلغ قيمتها 894 مليار درهم إماراتي (243.4 مليار دولار أمريكي) على 6 قارات، وتستثمر الشركة في قطاعات عديدة وفي مختلف فئات الأصول، وتسخر خبرتها المتميزة في مختلف القطاعات وكذلك شراكاتها العالمية طويلة الأمد، لتحقيق الأرباح والمساهمة في عملية النمو المستدام، دعماً لجهود بناء اقتصاد وطني متنوع ومتكامل مع الاقتصاد العالمي.
يقع المقر الرئيسي لمبادلة في أبوظبي، ولديها مكاتب في كل من لندن، وريودي جانيرو، وموسكو، ونيويورك، وسان فرانسيسكو، وبكين.
لمزيد من المعلومات حول شركة “مبادلة”، يمكن زيارة الموقع الرسمي للشركةwww.mubadala.com